ميلاد المسيح

هناك الملايين من البشر الذين يحتفلون بهذا الموسم – عيد ميلاد السيد المسيح واستقبال سنة جديدة، متمنين أنَّ السنة القادمة تكون أفضل ومستقبلٍ مليء بالخير والسلام في كل العالم، فتمتلئ البيوت بالزينة والأضواء والمأكولات الشهية والمناسبات الجميلة واللمات الحلوة من أقارب وأصدقاء، ناهيك عن الاحتفالات في بلدان كثيرة وإضاءة شجرة الميلاد وهدايا "بابا نويل" وسوق الميلاد (الكريسماس ماركت)، بالإضافة للحفلات التي يحييها مغنيون ومغنيات، راقصون وراقصات من شتى أنحاء المسكونة.
هذا طبعاً ليس بخطأ، طالما بقيت الاحتفالات في نطاق السيطرة والحدود، دون أن تتعدى خطوط الأدب وألا تتوغّل في مجون وبطر، والذي بدوره سوف ينزع كل معنى لهذا العيد. المشكلة أنَّ هناك الكثير من المحتفلين الذين لا يدركون معنى هذا العيد، فالميلاد لا يقتصر على كون "يسوع الطفل في مغارة بيت لحم"، بل هو أعمق من ذلك بكثير... إنَّ ميلاد السيد المسيح من العذراء مريم حصل بعد أن حُبل به فيها من الروح القدس، وهذا يعني أنَّ الميلاد هو تجسّد الله على الأرض في شبه البشر، الذي هو المسيح، ولماذا "شبه البشر"؟ لأنَّ المسيح كانَ إنساناً بلا خطية، وهذا أمر غير ممكن لإنسان ولد ولادة عادية... الله - كُلي القدرة والمحبة الفائقة لخليقته، نحن البشر، أخذ "صورة جسد تواضعنا" كي يتسنى له تحقيق عملية الفداء، أي خلاص البشر من الخطية، وكي يتحقق ذلك كان ينبغي أن الله يُصبح بشراً مثلنا، ويعيش بيننا، وأن يموت بدلاً عنا كي يكون هو "الذبيحة الكاملة"، وليس بدم تيوس أو عجول، وبعد ذلك أن يقوم من الأموات، وهكذا انتصر على "شوكة الموت" التي لصقت فينا نحن البشر بعد خطية آدم وحواء.
لقد أتمّ المسيح كل العمل لفدائنا وخلاصنا من الخطية، هي شوكة الموت، وما علينا سوى أن نقبل عمله الكفاري في حياتنا، عملاً بالمكتوب: "أمَّا الَّذِينَ قَبِلُوهُ، أيِ الَّذِينَ آمَنُوا بِاسْمِهِ، فَقَدْ أعطَاهُمُ الحَقَّ فِي أنْ يَصِيرُوا أوْلَادَ اللهِ" يوحنا ١: ١٢، و- "فَقَدْ أحَبَّ اللهُ العَالَمَ كَثِيرًا، حَتَّى إنَّهُ قَدَّمَ ابْنَهُ الوَحِيدَ، لِكَي لَا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الحَيَاةُ الأبَدِيَّةُ" يوحنا ٣: ١٦.

هذا هو معنى الميلاد، والسؤال المهم والحاسم هو: هل نقبل ميلاد المسيح في قلوبنا؟

الأخ عصام عودة

درس الحقوق في الجامعة العبرية ويعمل اليوم كمحام. درس اللاهوت في كلية الجليل بالناصرة وهو عضو وخادم في الكنيسة الإنجيلية المعمدانية في كفرياسيف. كتب العديد من المقالات في عدة مواقع مسيحية

Previous
Previous

كيف نحتفل بالميلاد؟

Next
Next

مثل الملك والقرية